مستقبل الإعلان

كيف يتأثر مستقبل الإعلان والنشر في عصر “الأخبار الكاذبة”؟


هارفرد .. أحذر الأخبار الكاذبة

مقال من هارفرد حول مستقبل الإعلان – ترجمة يارا الهواري

المكان .. مؤتمر “مستقبل الإعلان والنشر” الذي عقد في مختبر هارفارد للابتكار في بوسطن. في هذا المؤتمر نظمت مدرسة هارفارد للأعمال حلقة نقاش. وهي بعنوان “دور تقنيات الإنترنت بما فيها النشر والإعلان في تقويض المؤسسات الديمقراطية التقليدية “. وكانت المسائل المتعلقة بارتفاع سوق الكتب الإلكترونية وتضاؤل أجور مقدمي المحتوى موضع اهتمام منذ عام. ولكن بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، تغير نطاق المناقشات ليشمل تأثير الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي والنشر على الإنترنت. وحدث هذا التغيير نتيجة استخدام الروس للإعلانات على منصة فيسبوك كوسيلة لزرع تطبيق »ديسكورد« بين الناخبين ونشر الأخبار الكاذبة

مناقشات المؤتمر حول مستقبل الإعلان

وفي المؤتمر ناقش المشاركون مدى تأثير الأخبار الكاذبة على الديمقراطية. وما إذا كانت الحكومة الأمريكية ستضع لوائح تنظيمية للإنترنت. وما هو مصير النماذج التجارية في دعم وسائل الإعلام التقليدية بما فيها الصحف. ومن بين هذه المواضيع، تساءلت مديرة مركز تاو للصحافة الرقمية في جامعة كولومبيا، إميلي بيل : ما الذي نعرفه عن الإعلانات؟

وأجابها مدير مركز شورن شتاين للإعلام والسياسة العامة، نيكو ميلي. حيث أشار إلى إعلانات فيسبوك. والتي تأخذ شكل منشورات، أو صور، أو روابط. وتستخدم منصة فيسبوك البيانات الخاصة بمستخدميها للترويج عن المحتوى المنشور إلى فئات جماهيرية مستهدفة. تلك الجماهي التي قد يرتفع عددها للعشرات. أما تكلفة الإعلانات فقد تبلغ أقل من دولار في اليوم

وفي 2016، لعبت اعلانات فيسبوك دورا سلبياً على الانتخابات الأمريكية. أصبح من المستحيل على المواطنين والمراسلين معرفة المعلومات التي يتم الترويج لها. سواء كانت صحيحة أو مضللة، وتحديد الأفراد التي تصل إليهم، خاصة أن الفئات الجماهيرية صغيرة ومحددة. ونتيجة ما ينشره افراد المجتمع من اكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي. عانى الكثيرين من مجتمع مجزأ. وهو ما دفع مدير برنامج التصميم والتكنولوجيا في كلية بارسونز للتصميم. ديفيد كارول، إلى تشبيه فيسبوك كسلاح نفسي عسكري في أيدي أي شخص يستخدمه. ومن ثم توصل كارول إلى أن الإعلانات لا تباع، بل ما يتم بيعه هو الجمهور

B

وأشار كينزي ويلسون إلى أن الصحيفة حققت مؤخراً ثلثي إيراداتها من اشتراكات القراء في نسختي الجريدة المطبوعة والرقمية. وذلك على عكس استخدامها الإعلانات في السنوات الماضية، ما أدى إلى انخفاض إيرادات الإعلانات في مجال الأخبار. ويفسر ويلسون أن سبب اشتراك بعض الناس في الصحيفة يرجع إلى مصداقية المحتوى المنشور.  ورغم نجاح بعض الصحف المحلية مثل تايمز في تحقيق أرباح. إلا أن العديد من وكالات الأنباء المحلية انخفضت أرباحها نتيجة اختفاء الإعلانات المبوبة تحديدا

وعلى أرضية النجاح الذي حققه نموذج صحيفة تايمز (القائم على أعداد المشاركين). ناقشت حلقة النقاش إمكانية استنساخ هذا النموذج لدعم الأخبار المحلية وغيرها من المصادر الإخبارية الأخرى. كذلك ناقشت الحلقة ما يقدمه مشروع مارشال من قصص حول العدالة الجنائية. وقد صف ميلي المشروع بأنه نموذج نشر واعد خاصة في ترتيبه للأخبار الأحادية الموضوع في عواميد. واقترح أعضاء الحلقة انشاء جمعيات تعاونية إخبارية محلية لتغطية القضايا المحلية

هل يجب على الحكومة أن تتدخل لانقاذ مستقبل الإعلان؟

ناقش أعضاء الحلقة النقاشية دور الحكومة الأمريكية في وضع لوائح تنظيمية للإنترنت. وهو يعتبر موضوعاً حساساً. وتساءل ويلسون عما إذا كانت الحكومة ستدعم أيضاً النشر والتحقيقات الصحفية نيابة عن المؤسسات الجديدة. ولكن قبل اتخاذ ذلك القرار، يجب على المجتمع الإجماع على القضايا التي سيتم مناقشتها، والحقائق التي تشمل تلك القضايا. ولا تزال الهيئات التشريعية والمحاكم في صراع مع تنظيم التكنولوجيا نظراً لاتسامها بقدرات غير مسبوقة، وتنوع نماذجها، وسرعة تطورها.

وألقت أميلي بيل الضوء على التجربة الأوروبية في تنظيم الإنترنت. حيث أشارت إلى أن أوروبا كمثال تحاول تنظيم الإنترنت من خلال تشريعات مثل قانون “الحق في أن تُنسى” . والذي على الرغم من تصنيفه ضمن التشريعات الضعيفة الا إنه يعتبر إحدى الخطوات المهمة لحماية خصوصية الفرد. كما يحاول الاتحاد الأوروبي أيضاً تحديد أنشطة الإنترنت وتصنيفها تحت قطاع “سوق بيانات” نظراً للفوائد التي تحققها. أما في الولايات المتحدة، فيعد التعديل الدستوري في تنظيم الإنترنت هو الأول من نوعه. والذي يتناول تحديد المحتوى التي يتم نشره، وتعين من يدير هذا المحتوى.

ومن جهة أخرى، حذر كارول (مدير الدراسات العليا في كلية بارسونز للتصميم) من صعوبة الحد من نشر الأخبار الكاذبة. خاصة أن تلك النماذج التجارية تعتمد بشكل كبير على تفاعل المستخدم. ولذلك تستفيد منصة فيسبوك من تلك الأخبار نظراً لمحتواها المقنع ومساعدة قارئيها في نشر الأخبار على نطاق واسع.

مستقبل الإعلان و فرط الاتصال .. المزايا والعيوب

افتتح كارول المؤتمر بالحديث عن أحد مميزات فيسبوك وجوجل، وقد أطلق عليهما المحتكران. وذلك نظراً لهيمنتهم علي مجال الإعلان على الإنترنت. حيث يتشارك العملاقان معلومات المستخدمين بحيث أن المستخدم إذا بحث عن شيء في جوجل يجد إعلاناته تظهر في الفيسبوك.

وأضاف أحد أعضاء حلقة النقاش الثانية (التي نظمتها هارفرد). أستاذ إدارة الأعمال بكلية هارفارد للأعمال، بهارات أناند، بأنه من الصعب تحقيق ارباحاً في غياب تمويل المستخدمين. وضمت حلقة النقاش أيضاً برندان ايش، مبتكر لغة جافا، الذي أشار إلى صعوبة منع تتبع الإعلانات. يأمل أناند بإنشاء نظام دفع بالعملة المشفرة بيتكوين غير قابل للتعقب،. وذلك بهدف منع شركات بطاقات الإئتمان من تتبع نشاط الناس على الإنترنت. وإذا نجح هذا النظام سيتمكن المستخدمين من دفع مبالغ رمزية على الإعلانات دون لفت أصحاب المصلحة

ثمة مبادرة لم تكتمل .. لكنها جديرة بالمراجعة هنا

نتائج المؤتمر

خلصت جانيت باليس إلى أن كل حلقات النقاش أجمعت على أن مهمتهم الرئيسية هي جمع وربط المحتوى المجزأ على الإنترنت. كذلك انتهى أناند إلى أن قدرة التكنولوجيا الرقمية لا تقتصر على نشر المحتوى عبر الأسلاك فقط. وإنما الربط بين المحتوى المنشور، ولكن يكمن التحدي في تحديد الجهة المسؤولة عن انشاء تلك الروابط وكيفية استخدامها

كيف تقرأ الصحافة مستقبل الإعلان

تقرير صحفي لاحق صادر عن إن بي سي يقول أن فيسبوك أجرت تجارب. وقد أظهرت النتائج أن حسابا جديد لامرأة تنتمي للمحافظين في شمال كارولينا قد بدأت تتلقى دعاوي للانضمام لمجموعة يمينية متطرفة. وذلك في غضون يومين من إنشاء الحساب. وهذا يؤكد نفس ما كشفت عنه فرنسيس هوغان. تشير الوثائق والتقارير علم شركة فيسبوك بالأضرار التي يمكن أن تسببها تطبيقاته وخدماته. لكن الشركة لا تعمل على تصحيح ذلك

ومن بين التقارير التي تؤكد حديث فرانيس هوغا. نشرت صحيفتا نيويورك تايمز وول ستريت جورنال وثائق ومقالات. وهي توضح بالتفصيل انتشار خطاب الكراهية والمحتوى الذي يحرض على العنف في الهند على فيسبوك. وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى تقرير يقول إن جماعة باجرانج دال الهندوسية المرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا. بزعامة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي- استخدمت واتساب للتحريض على العنف. وقالت الصحيفة إن التقرير أوصى “بإزالة” هذه المجموعات، لكن المجموعة الهندوسية تواصل العمل على فيسبوك

B

من جهة أخرى ردت فيسبوك في بيان لها لشبكة سي إن بي سي بأن هذه القصص تحمل فرضية خاطئة. “نعم نحن شركة ونحقق أرباحا، لكن فكرة أننا نفعل ذلك على حساب سلامة الناس ورفاههم يسئ فهمنا. الحقيقة تكمن في أننا استثمرنا ١٣ مليار دولار. ولدينا أكثر من ٤٠ ألف موظف يعملون فقط للحفاظ على سلامة الناس على الفيسبوك

المفارقة الكبيرة هنا تأتي في نظرة كل من فيسبوك (كمؤسسة إعلانية تهدف إلى الربح في المقام الأول). والمؤسسات الصحفية الأمريكية من جهة أخرى (كمؤسسات إعلامية تهدف لنشر الخبر لمصلحة المجتمع في المقام الأول). فبينما الفيسبوك يهدف إلى الربح ويسخر كل أدواته التقنية والمعلوماتية لهذا الهدف. نجد أن المؤسسات الصحفية لديها رؤية مخالفة تماما

فمثلا ترى صحيفة نيويورك تايمز أن : “مهمتنا أن نبلغ عن أمريكا والعالم بأمانة ودون خوف أو محابة. والسعي الدائم لفهم جميع وجهات النظر السياسية والتجارب الحياتية في القصص التي نقدمها لك”. وحتى عندما تقوم هذه المؤسسات بنشر إعلانات فإنها لا تتخلى عن مبدأها الأخلاقي. فشبكة إم إس إن بي سي  تقول أن الإعلانات التي نشرت كدعايا لترامب كانت مشفوعة بتحليلات شاملة وموضوعية

المصدر

In an Era of ‘Fake News,’ What is the Future of Advertising and Publishing?

CNBC: Facebook whistleblower releases documents to multiple news outlets showing company knows the harm it causes

Fake News and the Aesthetic of Objectivity

التزييف العميق : مقال + فيديو