ميتا تكافح لمنع النخاسة

meta and sex banner

كيف أصبح فيسبوك وإنستغرام سوقين لتجارة الجنس مع الأطفال؟

ميتا تكافح لمنع النخاسة – تحقيق صحفي للجاردين

كانت مايا جونز تبلغ من العمر 13 عامًا فقط عندما مرت لأول مرة من باب مبنى كورتني. وهو مركز استقبال لضحايا الاتجار بالجنس مع الأطفال في واشنطن العاصمة. تقول تينا فروندت، مؤسسة كورتني هاوس: “كانت صغيرة جدًا. كانت محطمة للغاية بسبب ما مرت به”. فروندت هي واحدة من أبرز المتخصصين في واشنطن في مكافحة الاتجار بالأطفال. وقد عملت مع مئات الشباب الذين عانوا من الاستغلال الرهيب على أيدي البالغين. لكن قصة مايا كانت بالنسبة لها صادمة

من هي تينا فروندت؟

Tina Frundt

وقعت تينا فروندت وهي طفلة ضحية الاتجار بالبشر. كان ذلك خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وبسبب ذلك الموقف قررت تينا انشاء مؤسسة كورتني هاوس. وهي مؤسسة تهتم برعاية الأطفال الذين يقعون ضحية الاتجار بالبشر. ويقع مقر المؤسسة في أحد ضواحي واشنطون الهادئة

وتعتبر فروندت واحدة من أكثر المدافعين ضد الاتجار بالبشر خبرة واحترامًا في واشنطن العاصمة. دافئة ومدافعة شرسة عن الأطفال الذين تحت رعايتها. تستقبل فروندت الأطفال في مؤسستها من خلال الشرطة المحلية ومكاتب الخدمات الاجتماعية، حيث تم التعاقد معها لرعاية هؤلاء الأطفال. وتتبع حالات الأطفال الذين تم الاتجار بهم. ومن ثم فهي ضيف دائم في جلسات المحاكم للقضايا المرتبطة بالأطفال الذين تحت رعايتها معظم هؤلاء الأطفال تم استغلالهم جنسيا من خلال صديق أو قواد او أحد أفراد الأسرة. بعضهم لم يتجاوز عمره التسع سنوات. وجميعهم من الملونين الذين تعرضوا للعنف البدني والجنسي، ويعانون من الفقر، ولذلك فهم هدف سهل للقوادين

ايضا تتولى فروندت تدريب عناصر مكتب التحقيقات الفدرالية، ووحدات مكافحة الإتجار بالجنس المحلية. حيث تقدم برامج تدريبية حول كيفية تتبع واكتشاف المتاجرين بالبشر على منصات الإنترنت

حول طبيعة عملها

تقول فرونت أن أول شيء تفعله الآن عندما تصلها مثل هذه الحالات هو طلب معرفة الانستغرام الخاص بهم، وهو المنصة الأكثر شيوعا في ممارسة أعمال النخاسة

وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يستخدم النخاس منصات السوشيال ميديا كمواقع لصيد الأطفال. وأشهر هذه المواقع هو الفيسبوك والإنستغرام. ومنذ ولادة هذه المنصات قبل عشرين عام، وشركات التكنولوجيا تكافح لوقف استغلال الأطفال جنسيا

في عام 2020، صدر تقرير عن معهد الاتجار بالبشر غير الربحي ومقره الولايات المتحدة. يقول التقرير أن فيسبوك هو المنصة الأكثر استخدامًا لاصطياد الأطفال من قبل 65٪ من تجار الجنس. وأن الإنستغرام يأتي في المرتبة الثانية، يليه سناب شات

يعتقد البعض أن الإتجار بالبشر هو عملية تحريك الضحايا عبر الحدود. لكن بموجب القانون الدولي فإن عملية الإتجار هي أي فعل باستخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه للحصول على عمل أو شراء أو بيع أفعال جنسية بالغصب. وسواء كان ذلك بالسفر أم لا. ومن ثم فإن كل من يدخل في هذه الصفقة مجرم، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بإكراه أطفال

قصة مايا كما روتها

تقول مايا أنها عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، بدأت في تلقي رسائل مباشرة على إنستجرام من رجل لم تكن تعرفه. قالت إن الرجل، البالغ من العمر 28 عامًا، أخبرها أنها جميلة حقًا. وقد بدأت الدردشة مع الرجل. طلب منها أن ترسل له صورًا عارية، وأنه سيدفع لها 40 دولارًا لكل صورة. بدا لطيفًا واستمر في مدح مايا، مما جعلها تشعر بأنها مميزة. قررت مقابلته شخصيًا

ثم جاء طلبه التالي: “هل يمكنك مساعدتي في كسب بعض المال؟”. طلب منها الرجل أن تقف عارية لالتقاط بعض الصور. وطلب منها أن تعطيه كلمة مرور للأنستغرام الخاصة بها حتى يتمكن من تحميل الصور على ملفها الشخصي. بدأ الرجل يستخدم حسابها للإعلان عنها لممارسة الجنس. بدأ مشترو الجنس في مراسلتها عبر حسابها لمواعدتها

المفاجأة

الرجل بدأ يتدخل في المحادثات للتفاوض على الاسعار والخدمات اللوجستية الأخرى لتوفير مكان الاجتماع في الموتيلات حول العاصمة. تقول مايا أنها تكره ممارسة الجنس مع هؤلاء الغرباء لكنها أرادت إبقاء القواد سعيدً

بعد ثلاثة أشهر من لقائها بالقواد للمرة الأولى، وجدها أحد المارة ملقاة على الأرض متهدمة في أحد شوارع جنوب شرق العاصمة، نصف عارية ومشوشة. تقول مايا أنها في الليلة السابقة، اقتادها احد مشتر للجنس إلى مكان ما رغما عنها. وتعرضت للاغتصاب الجماعي لساعات قبل أن يتم إلقاؤها في الشارع. لقد أصيبت بصدمة نفسية ولامت نفسها على ما حدث

بعد أن وصلت مايا إلى مؤسسة كورتني هاوس بدأت تينا فروندت تتعامل معها وتحاول احتواء الموقف. تقول فروندت أن مايا، كان عمرها 15 عام، وكانت في حالة هشة. كانت صحتها العقلية في انخفاض حاد. كانت تشعر أنها تريد الانتحار

ورغم وصولها لمؤسسة كورتني إلا أن مقاطع الفيديو كانت ما تزال منتشرة على الإنستغرام. وكان مشترو الجنس يتواصلون معها بشكل مباشر وبلا هوادة. لم تكن تعرف كيف تتوقف أو كيف تقول لا

تقول فروندت، لقد أخبرتها أني أحبها، وأنهم ستحدثون معا في الصباح. كانت هذه هي آخر مرة أتحدث معها. لقد وافقت على مواعدة رجل عمره 43 سنة، وقد أعطاها أدوية ما. عندما ذهبت والدتها لأيقاظها في صباح اليوم التالي .. وجدتها ميتة

تحقيق الجارديان

على مدار العامين الماضيين، أجرت صحيفة الجاردين تحقيقا. وقد حصلت على مقابلات وشهادات الناجين ووثائق المحكمة الأمريكية وبيانات الإبلاغ عن الاتجار بالبشر. تقول الجارديان، سمعنا ادعاءات متكررة بأن فيسبوك وإنستغرام أصبحا منصات مبيعات رئيسية للاتجار بالأطفال. لقد أجرينا مقابلات مع أكثر من 70 مصدرًا. بما في ذلك الناجين وأقاربهم والمدعين العامين والمتخصصين في حماية الأطفال ومشرفي المحتوى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وذلك من أجل فهم كيفية استخدام المتاجرين بالجنس فيسبوك وإنستغرام. ولماذا تنفي شركة ميتا مسؤوليتها القانونية عن تلك الممارسات التي تجري على منصاتها

بينما تقول شركة ميتا أنها تفعل كل ما في وسعها ، فقد رأينا أدلة تشير إلى أنها فشلت في الإبلاغ أو حتى اكتشاف المدى الكامل لما يحدث، وقال العديد ممن قابلناهم إنهم شعروا بالعجز عن إقناع الشركة بالتصرف

تعليق شركة ميتا

تقوم شركة ميتا بالعديد من السياسات لمحاولة منع الاتجار بالجنس على منصاتها. كتب مارك زوكربيرج، مؤسس ميتا، في مذكرة إلى الموظفين في عام 2021: “من المهم جدًا بالنسبة لي أن يكون كل شيء نبنيه آمنًا وجيدًا للأطفال”. وقال المتحدث الرسمي للشركة: “استغلال الأطفال جريمة مروعة. نحن لا نسمح بذلك ونعمل بقوة لمكافحتها داخل وخارج منصاتنا. نحن نساعد بشكل استباقي سلطات إنفاذ القانون في اعتقال ومحاكمة المجرمين الذين يرتكبون هذه الجرائم البشعة. عندما ندرك أن الضحية في طريق الأذى، ولدينا بيانات يمكن أن تساعد في إنقاذ الأرواح، فإننا نعالج طلب الطوارئ على الفور

فرونديت تقول

تقول فرونت إنه في معظم الأوقات، يستمر الاتجار بالأطفال الذين يأتون إلى كورتني هاوس. وأنه حتى في الحالات التي يفرون فيها من مستغليهم، غالبًا ما يستمر تداول مقاطع الفيديو والصور الفاضحة لهم عبر الإنترنت، حيث يقوم هؤلاء القوادين بإغلاق حسابات الضحايا ومنعهم من إزالة الصور المنشورة في ملفاتهم الشخصية. وتقول فروندت أنها تطلب باستمرار من انستغرام إغلاق الحسابات وإزالة المحتوى الاستغلالي للأطفال في رعايتها. “لقد اتصلت بي جهات إنفاذ القانون حتى تسألني ،” تينا ، هل يمكنك جعل انستغرام تفعل شيئًا ما؟”. إذا لم أتمكن من جعل انستغرام يتصرف ، فما هو الأمل الذي يوجد لأي شخص آخر؟ “

وعندما سألنا فروندت عما إذا كان بإمكانها أن تعرض لنا أمثلة لشباب تحت رعايتها تقول إنه يتم الاتجار بهم حاليًا على انستغرام ، قامت بسحب هاتفها وتمريرها عبر المنشور بعد نشر صور ومقاطع فيديو فاضحة لفتيات تتراوح أعمارهن بين 14 أو 15 عامًا يبدو أن معظم الصور ومقاطع الفيديو قد التقطها شخص آخر. قالت فرونت إن هذه المنشورات تُستخدم كوسيلة للإعلان عن الفتيات لمشتري الجنس المحتملين، الذين سيرسلون رسالة مباشرة لشراء محتوى صريح أو لترتيب لقاء

ميتا ترد

عندما طرحنا هذه المخاوف على ميتا، قال متحدث باسم الشركة: “إننا نتعامل مع جميع الادعاءات والتقارير المتعلقة بالمحتوى الذي يتضمن أطفالًا بجدية بالغة وقد استجبنا بجدية للطلبات الواردة من كورتني هاوس. تتطلب قدرتنا على إزالة المحتوى أو حذف الحسابات معلومات كافية لتحديد أن المحتوى أو المستخدم ينتهك سياساتنا. “

تقول فرونت

إنها أجرت مناقشات في عامي 2020 و 2021 مع انستغرام حول إجراء تدريب للموظفين للمساعدة في منع الاتجار بالأطفال على منصاتها. وتقول إن التدريب لم يمضي قدمًا، بعد فترة طويلة من الذهاب والإياب، قال المسؤولون التنفيذيون في انستغرام في مكالمة فيديو إنهم لن يدفعوا لفروندت رسومها القياسية البالغة 3000 دولار، وبدلاً من ذلك عرضوا 300 دولار. الطريف أن ميتا لم تنفي ذلك

ميتا تقر

بأن القوادين يستخدمون منصاتها، لكنها تصر على أنها تبذل كل ما في وسعها لوقفهم. بموجب القانون، يتعين على الشركة الإبلاغ عن أي صور اعتداء جنسي على الأطفال يتم مشاركتها عبر منصاتها إلى المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين. وبالمناسبة تعتبر ميتا هي أكبر الممولين لهذا المركز

وتصديقا لذلك، فقد أبلغ فيسبوك في 2022 عن أكثر من 73 مليون ملف يتضمن عري الأطفال والاعتداء الجسدي والاستغلال الجنسي للأطفال. كذلك أبلغ أنستغرام عن 6 ملايين ملف مماثل. وأن فيسبوك وأنستغرام قد حذفا نحو 34 مليون ملف في الربع الأخير من ذلك العام

من جهة أخرى تتولى شركة ميتا الاستثمار في أبحاث تقنية بهدف تطوير قدرتها على الكشف عن الحسابات الإباحية الموجودة على منصتها. وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال. لكن الشركة لم تفصح عن حجم التمويل المرصود لهذه الأبحاث

أيضا تجند شركة ميتا عددا من الوسطاء بهدف تتبع حالات الإتجار على منصتها. مهمة هذا الفريق هو مراقبة التفاعلات بين الأطفال والبالغين على الماسنجر وإنستغرام، ثم إبلاغ الشركة بذلك. يقول بعض الوسطاء لصحيفة الجارديان أن تقاريرهم لم تكن تؤخذ بمحمل الجد

في 2021 سرب موظف سابق في فيسبوك وثائق تدعم ادعاءات الوسطاء، حيث تم الإبلاغ عن الاف الصفحات التي تقدم محتوى ضار. لكن ميتا قالت أنها يجب أن تحترم خصوصية المجموعات التي يقل عدد أفرادها عن 32 شخص

الضحايا يعلقون

في لقاء بين مراسل جاردينز وتينا فرونديت، يقول المراسل: “في مرحلة ما، انقطع حديثنا بوصول خمس فتيات مراهقات. لقد عادوا من المدرسة، وتجمعوا حول طاولة المطبخ، يتحدثون ويشغلون الموسيقى على هواتفهم بينما تقدم لهم فرونت طبق خزفي. بعد أن تناولوا الطعام، سألناهم عما إذا كان بإمكاننا التحدث معهم عن تجاربهم: هل تعرض أي منهم للاستغلال الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي أو تم نشر مقاطع فيديو أو صور صريحة لهم؟

نظروا إلى بعضهم البعض وانفجروا ضاحكين. نعم ، بالطبع. طوال الوقت. قالت إحدى الفتيات إنها شعرت أن لا أحد في انستغرام يهتم، فهم لا يهتمون بما يتم نشره. إنهم لا يهتمون بنا “

وثائق المحكمة والمدعين

أشارت وثائق المحكمة لأحدى القضايا التي تم الحكم فيها إلى أن بعض الضحايا تراوحت أعمارهم ما بين 14 و 17 سنة. وأن سعر الفتاة في عمر 14 عام يكون أغلى بنحو مائتي دولار عن الفتاة الأكبر سنا. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم قضايا الإتجار بالبشر عبر الإنترنت، والمرفوعة في المحاكم قد ارتفع بنحو 30% ما بين 2019 و 2022، وأن القواد يكسب في الليلة نحو 1000 دولار، وأن منصات فيسبوك وإنستغرام هما الأكثر استخداما لاصطياد الأطفال

يطالب القانون شركة ميتا بضرورة الكشف عن أي صور لاستغلال الأطفال. لكن الشركة تظل محمية بقانون التدفق الحر للمعلومات. ومن ثم فإنها ليست مسؤولة عن الجرائم التي تحدث على منصتها. المفارقة الغريبة في هذا القانون أن المؤسسات الصحفية تكون مسؤولة عما تنشره على مواقعها، بينما شركة ميتا لا تكون مسؤولة عن أي محتوى أو مقابلة تستضيفها على منصتها

المصدر

صحيفة الغارديان

هل تواجه تهديدا على الإنترنت؟

One thought on “ميتا تكافح لمنع النخاسة

Comments are closed.