تحليل البيانات في بيئة الأعمال

 تحليل البيانات في بيئة الأعمال

التعامل مع البيانات وتفسيرها اصبح اليوم مهارة لا غنى عنها من اجل تخاذ القرارت السليمة، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بالأعمال. لذلك يمكن أن نقول أن تحليل البيانات في بيئة الأعمال هي عملية استخدام الرياضيات والإحصائيات لجمع وتحليل وترجمة البيانات من أجل اتخاذ قرارت ذات معنى. والسؤال إذا .. ما المجال المعني بتحليل البيانات؟

تحليل بيانات الأعمال Vs علم البيانات. كلاهما يتعامل مع البيانات الضخمة من أجل حل المشاكل في بيئة الأعمال. لكنهما مجالين مختلفين. فتحليل البيانات في بيئة الأعمال يهدف إلى استخلاص رؤى ذات معنى من البيانات، لتوجيه المنظمات لأتخاذ القرار المناسب. ويستخدم في مجالات مثل التنبؤ، والميزانية، وتطوير المنتجات. أما علم البيانات فيركز على تحويل البيانات الخام إلى استنتاجات ذات معنى من خلال الأكواد والنماذج الاحصائية

تجارب عن تحليل البيانات في بيئة الأعمال

على أية حال كانت هذه مقدمة لابد منها للتأسيس قبل أن نغوص في هذه التجارب الممتعة

ميكروسوفت. ارادت ميكروسوفت أن تزيد إنتاجيتها في 2015. فقامت بتحليل بيئة العمل حيث يعمل 1200 موظف في 5 مباني. التحليل انتهى إلى توصية بنقل مكاتب الموظفين ليصبحوا في أربعة مباني فقط لتقليل الوقت المستهلك في الأنتقال من اجل عمل الاجتماعات. وبعد تنفيذ التوصية وجدت الإدارة أنخفاض الوقت المستهلك في الجتماعات بنسبة 46%، أي أنهم وفروا نحو 100 ساعة من الوقت المستهلك بلا داعي، بمعنى آخر، استطاعوا توفير 520 الف دولار في هذا العام

بلو أبرون. هي شركة متخصصة في تقديم الوجبات  الجاهزة. ارادت الشركة التنبؤ بحجم الطلب على الوجبات، فقامت بتحليل البيانات الواردة من عملائها وطلباتهم. وقد صنفت البيانات في 3 مجموعات. المجموعة الأولى تصف الطلبات المتكررة، والمجموعة الثانية تصف حجم الطلب على المعكرونة للتنبؤ بالطلبات المستقبلية، والمجموعة الثالثة تتعلق بالطلبات الموسمية. ومن خلال تحليل الإنحدار توصل المحللون إلى أن العملاء يتغير ذوقهم بمرور الوقت. ومن ثم استطاعت الشركة تحديد التفضيلات المستقبلية وتحقيق مبيعات جيدة خلال هذا العام

ببسي كولا. تورد هذه الشركة منتجاتها لتجار التجزئة في 200 دولة حول العالم، ويستخدم منتجاتها نحو مليار عميل يوميا. ولضمان البقاء على العرش تقوم الشركة بتحليل بيانات ضخمة وتحليلات تنبؤية عن المستهلكين والأسواق. أنشأت الشركة منصة سحابية لتحليل البيانات، مهمتها العمل على تحليل البيانات بشكل مستمر، وذلك بهدف المساعدة في اتخاذ القرارات التسويقية بشكل كبير. قامت هذه المنصة بتصنيف 24 مليون أسرة في مجموعات. وبلغت دقة التحليل إلى درجة أنها حددت أن هناك 110 مليون أسرة أمريكية تفضل منتج الشوفات الليلي، وأنهم غالبا ما يتعاملون مع تجار تجزئة بعينهم. وقد ساعدت هذه التحليلات إلى زيادة المبيعات بنحو 80% في الـ 12 شهر التالية من التحليل

مهارات تحليل البيانات

كما رأينا، في مجال الأعمال، تحتاج الشركات إلى محترفين لديهم القدرة على استخلاص رؤى ذات معنى من كم هائل من البيانات. معنى ذلك أنهم يجب أن يكونوا قادرين على جمع البيانات المناسبة، وترجمتها. وهذا يتطلب منهم بطبيعة الحال مهارات خاصة. فما هي المهارات التي تميز محلل البيانات؟

المهارة الأولى – معرفة البيانات. ويقصد بها أن تكون لغة البيانات مألوفة لديك، بما في ذلك أنواع البيانات ومصادرها وأدوات التحليل وتقنياتها. أيضا يشمل ذلك أن تكون قادرا على تحليل ومعالجة البيانات واستخلاص رؤى ذات معنى. ومن ثم فإن تطوير معرفتك بالبيانات سيساعدك كثيرا في عمليات التحليل في بيئة الأعمال.

المهارة الثانية – جمع البيانات. ويقصد بها القدرة على جمع عينة من البيانات يمكن استخلاص النتائج منها. ومن ثم فأنت بحاجة لتكون على علم بأساسيات جمع البيانات لتجنب التحيز أو الخطأ في جمع البيانات. أيضا تتضمن هذه المهارة القدرة على جمع البيانات بطرق مختلفة كالاستبيانات والمقابلات وجماعات الاهتمام ونحو ذلك. وهذا بطبيعة الحالي يتضمن القدرة على تحديد البيانات الكمية والكيفية، وطرح أسئلة دقيقة وغير متحيزة أو مبهمة

المهارة الثالثة – التحليل الإحصائي. ويقصد بذلك القدرة على تفسير البيانات التي بين يديك باستخدام الأساليب الإحصائية. ومن هذه الأساليب: اختبار الفرضية، وتحليل الانحدار الخطي (يستخدم لتقييم العلاقة بين متغيرين)، وتحليل الانحدار المتعدد (يستخدم لتقييم العلاقة بين ٣ متغيرات أو أكثر). ومن ثم من خلال هذه الأساليب يمكنك أن ترسم شكلا واضحا وتضع استنتاجات تجيب على تساؤلاتك وتحدد الفرص المتاحة والمخاطر الكامنة في بيئة الأعمال

المهارة الرابعة – الاتصال. يقصد بذلك ليس فقط أن تكون قادرا على تمثيل البيانات بشكل مرئي، وإنما القدرة على شرح هذه الرسوم والأشكال لأصحاب المصلحة لمساعدتهم على اتخاذ القرار الصائب

المهارة الخامسة – تمثيل البيانات. وهي مهارة موازية لمهارة الاتصال السابقة. بمعنى أن تكون قادرا على تحديد البيانات التي ستقوم بتمثيلها بشكل مرئي (إذ ليس كل ما حصلت عليه يجب أن تقدمه، فقط قدم المهم). وأيضا تتضمن هذه المهارة القدرة على اختيار الشكل المناسب للتمثيل المرئي، واختيار الأداة المناسبة لعمل هذا التمثيل

بعد أن تعرفنا على المهارات التي يجب على محلل البيانات أن يتسلح بها، علينا أن نعرف ما هي أشكال التحليل التي تستخدم في بيئة الأعما

أشكال التحليل

هناك أربعة مفاتيح رئيسية في تحليل بيانات الأعمال وهي

التحليل الوصفي: وهو يجيب على السؤال “ماذا حدث؟”، أي أن مهمته هو وصف ما حدث وما يحدث الآن. وذلك من خلال ترجمة البيانات الحالية والتاريخية لتحديد التوجهات والنماذج والعلاقات. وهو مناسب لحالات مثل مراقبة المرور على الموقع. مثال على ذلك، تخيل أنك تقوم بتحليل بيانات شركتك وتجد أن هناك زيادة موسمية في المبيعات لأحد منتجاتك: وحدة تحكم في ألعاب الفيديو. هنا، يمكن للتحليلات الوصفية أن تخبرك، “تشهد وحدة ألعاب الفيديو هذه زيادة في المبيعات في أكتوبر ونوفمبر وأوائل ديسمبر من كل عام.”

التحليل التشخيصي: وهو يجيب على السؤال “لماذا حدث هذا؟”. أي أن هذا النوع من التحليل يتجاوز مرحلة الوصف لمعرفة السبب، وذلك من خلال مقارنة الاتجاهات، وكشف الارتباطات بين المتغيرات، وتحديد العلاقات السببية. استكمالا للمثال السابق، يمكنك البحث في البيانات الديموغرافية لمستخدمي أجهزة ألعاب الفيديو، وتجد أنهم تتراوح أعمارهم بين ثمانية و18 عامًا. ومع ذلك، تتراوح أعمار العملاء بين 35 و55 عامًا. تكشف البيانات أن أحد الدوافع الأساسية للعملاء لشراء وحدة تحكم ألعاب الفيديو هو إهدائها لأطفالهم. قد يكون الارتفاع الكبير في المبيعات في أشهر الخريف وأوائل الشتاء بسبب العطلات التي تشمل تقديم الهدايا

التحليل التنبؤي: وهو يجيب على السؤال “ماذا قد يحدث في المستقبل؟”، وذلك من خلال استخدام المعلومات للتنبؤ بالأحداث المستقبلية. من خلال تحليل البيانات التاريخية جنبًا إلى جنب مع اتجاهات الصناعة، يمكنك إجراء تنبؤات مستنيرة حول ما يمكن أن يحمله المستقبل لشركتك. فعلى سبيل المثال، معرفة أن مبيعات أجهزة ألعاب الفيديو قد ارتفعت في أكتوبر ونوفمبر وأوائل ديسمبر من كل عام على مدار العقد الماضي توفر لك بيانات وافرة للتنبؤ بأن نفس الاتجاه سيحدث في العام المقبل. وبدعم من الاتجاهات التصاعدية في صناعة ألعاب الفيديو ككل، يعد هذا توقعًا معقولًا. سيساعدك ذلك فصياغة استراتيجية ناجحة بناء على السيناريوهات المحتملة

التحليل المرئي: وهو يجيب على السؤال “ماذا يجب أن نفعل؟”. تأخذ التحليلات المرئية في الاعتبار جميع العوامل المحتملة في السيناريو وتقترح خطوات قابلة للتنفيذ. فعلى سبيل المثال، ما الذي يجب أن يقرر فريقك فعله في ضوء الاتجاه المتوقع في الموسمية بسبب تقديم الهدايا في فصل الشتاء؟ ربما قررت إجراء اختبار أ / ب باستخدام إعلانين: أحدهما يلبي احتياجات المستخدمين النهائيين للمنتج (الأطفال)، والآخر يستهدف العملاء (آبائهم). ويمكن للبيانات المستمدة من هذا الاختبار أن توضح كيفية الاستفادة من الارتفاع الموسمي وسببه المفترض بشكل أكبر. أو ربما تقرر زيادة جهود التسويق في شهر سبتمبر من خلال رسائل تحت عنوان العطلة لمحاولة تمديد الارتفاع إلى شهر آخر

يجب استخدام الأنواع الأربعة لتحليل البيانات جنبًا إلى جنب لإنشاء صورة كاملة للقصة التي ترويها البيانات واتخاذ قرارات مستنيرة. لفهم الوضع الحالي لشركتك، استخدم التحليلات الوصفية. لمعرفة كيفية وصول شركتك إلى هذا الهدف، استفد من التحليلات التشخيصية. تعتبر التحليلات التنبؤية مفيدة في تحديد مسار الموقف، فهل ستستمر الاتجاهات الحالية؟ وأخيرًا، يمكن أن تساعدك التحليلات الإرشادية في النظر في جميع جوانب السيناريوهات الحالية والمستقبلية والتخطيط لاستراتيجيات قابلة للتنفيذ. اعتمادًا على المشكلة التي تحاول حلها وأهدافك، يمكنك اختيار استخدام نوعين أو ثلاثة من أنواع التحليلات تلك أو استخدامها جميعًا بترتيب تسلسلي للحصول على فهم أعمق لبيانات القصة

الآن، وبعد أن تعرفنا على أهمية التحليل في بيئة الأعمال، وشاهدنا نماذج عملية لشركات عملاقة، وكيف أن التحليل ساهم في تطوير أداءها، وهو ما يثبت مدى أهمية التحليل في مجال الأعمال. ثم انتقلنا للحديث عن مهارات محلل البيانات، واستفضنا في شرح أنواع التحليل التي يقوم بها المحلل. الآن كيف يقوم المحلل بعملية التحليل؟

خطوات تحليل البيانات

تنظيف البيانات: في هذه العملية يتم تحويل البيانات الأولية إلى تنسيق يسهل التعامل معه، ثم ضمها لقاعدة بيانات، ثم الكشف عن السجلات الغير دقيقة وتصحيحها أو إزالتها من قاعدة البيانات

حدد الأسئلة الصحيحة: بمجرد الانتهاء من عملية التنظيف، قد يكون لديك الكثير من الأسئلة حول مجموعة البيانات النهائية الخاصة بك. هناك الكثير من الإمكانات التي يمكن اكتشافها من خلال التحليل. حدد أهم الأسئلة التي تأمل الإجابة عليها من خلال تحليلك. يجب أن تكون هذه الأسئلة قابلة للقياس بسهولة وترتبط ارتباطًا وثيقًا بمشكلة عمل محددة. إذا كان طلب التحليل قادمًا من فريق عمل، فاطلب منهم تقديم تفاصيل واضحة حول ما يأملون في تعلمه، وما يتوقعون تعلمه، وكيف سيستخدمون المعلومات. يمكنك استخدام مدخلاتهم لتحديد الأسئلة التي لها الأولوية في تحليلك

تقسيم البيانات: في هذه المرحلة ستقوم بتصنيف البيانات في مجموعات. سيساعدك ذلك على جعل تحليلك أكثر قابلية للإدارة ويبقيك في المسار الصحيح. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تحاول الإجابة على أسئلة حول أداء قسم معين، فستحتاج إلى تقسيم بياناتك حسب القسم. ومن هناك، ستتمكن من جمع رؤى حول المجموعة التي تهتم بها وتحديد أي علاقات قد تكون موجودة بين كل مجموعة

تمثيل البيانات: في هذه المرحلة ستقوم بتحويل البيانات إلى رسوم بيانية. سيساعدك ذلك على توصيل نتائجك بشكل فعال إلى أصحاب المصلحة. ستستخدم هنا بعض الأدوات المهمة مثل خرائط جوجل، وإكسل، وتابلو

الإجابة على التساؤلات: بعد أن قمت بتنظيف البيانات وتصنيفها وتمثيلها، عليك أن تمعن النظر في النتائج لتستخلص منها إجابات لتساؤلاتك التي طرحتها في الخطوة الثانية

عمل ملحق البيانات النوعية: عندما تقترب من نهاية تحليلك، تذكر أن مجموعة البيانات هذه ليست سوى قطعة واحدة من اللغز. من المهم جدًا ربط نتائجك الكمية بالمعلومات النوعية، والتي يمكنك التقاطها باستخدام الاستبيانات أو المقابلات أو الشهادات. في حين أن مجموعة البيانات لديها القدرة على إخبارك بما يحدث، فإن المعلومات النوعية يمكن أن تساعدك في كثير من الأحيان على فهم سبب حدوث ذلك

تقريبًا جميع القرارات التجارية التي تتخذها المؤسسات تعتمد على نوع ما من البيانات. ولهذا السبب، من المهم أن تكون الشركات قادرة على الاستفادة من البيانات المتاحة لها. تعتمد الشركات على الرؤى المكتسبة من تحليل البيانات لتوجيه عدد لا يحصى من الأنشطة، بدءًا من إعداد الميزانية وحتى تنفيذ الإستراتيجية. لا يمكن التقليل من أهمية تحليل البيانات للمؤسسات اليوم

المصدر

4 examples of business analytics in action

5 Business analytics skills for pro

4 Types of data analytics to improve decision-making

How to analyze a dataset – 6 steps.